Authors
أ.د أيمن يوسف
Pages From
76
Pages To
90
Journal Name
المستقبل العربي
Volume
1
Issue
358
Abstract

شهد العقدان الأخيران خولات جذرية على صعيد السياسة الخاريجة الروسية ، بحيث جاءت هذه التحولات على شكل انقلابات ومنعطفات حاسمة أثرت في مكانة روسيا العالمية ، وفي محيطها الإقليمي ، وبيئتها الجيوبوليتيكية ، وتركت بصمتها على عملية اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية الروسية . فقد فقدت روسيا السوفياتية خلال هذه الفترة مكانتها الإمبراطورية العظمى التي تمتعت بها خلال الحقبة (1917-1991) ، حيث كانت دولة عظمى امتدت مناطق نفوذها وأحلافها العسكرية والإقتصادية إلى بقاع شتّى من المعمورة ، لا سيما في أوروبا الشرقية ، وآسيا الوسطى ، والقوقاز . لقد تمهدت سياسة الغلاسنوست(الإنفتاح )والبرستويكا(إعادة الهيكلة السياسية والإقتصادية) التي تبنّاها الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشيف في منتصف الثمانينيات الى إذابة ثلج الأيديولوجيا المتكدسة على السياسة الخارجية الروسية ، وكشف عوراتها الشنيعة أمام العالم الخارجي ، وأمام حلفاء روسيا السوفياتية ، خاصة دول المنظومة الإشتراكية سابقاً في أوروبا الشرقية وبقية أصدقائها في العالم الثالث.
مهّدت الاصلاحات التي تقدم بها غورباتشوف لانهيار الاتحاد السوفياتي ، بسبب عدم قدرته على ادارة عملية التحولات و التغيرات الايجابية على صعيد البناء ، وعلى صعيد تحديد الأولويات الوطنية للدولة السوفياتية ، وانتهت هذه الفترة من التاريخ القيصري التمددي لروسيا بإنهيار إمبراطوريتها و تفتتها إلى خمس عشر جمهورية متباعدة المشارب ومتعارضة المصالح في أحيان كثيرة.